الأربعاء، 28 ديسمبر 2011

نحليل نص


تمارين : تحليل نص فلسفي



النص: 


   أرى أن أي إنسان مقتنع بحيازته لحرية الاختيار أو حرية الإرادة، يتميز بإحساس أعظم بالمسؤولية يفوق الشخص الذي يعتقد أن الحتمية الشاملة تسود العالم و تتحكم في حياة البشر. و تعني الحتمية أن تيار التاريخ، وما يحمله من شتى مظاهر الاختيارات و الأفعال الإنسانية، تحدد مساره مسبقا تحديدا كاملا مند بداية الزمن.
إن من يعتقد أن كل ما هو كائن قد تحددت له كينونة ما، بمقدوره أن يحاول التنصل من المسؤولية الأخلاقية المترتبة عن ارتكاب الفعل الخاطئ، كالزعم بأنه كان مجبرا على فعل ما فعله، لأن هذا الفعل كان مقدرا تبعا للقوانين الصارمة التي تربط السبب بالنتيجة.
أما إذا كان الاختيار الحر موجودا حقا في لحظة الاختيار، فلا يخفى أنه في هذه الحالة، سيتمتع الناس بالمسؤولية الأخلاقية الكاملة لاتخاذ القرار و الاختيار بين بديلين أو أكثر من البدائل الحقيقية. و بذلك لا يكون لحجة الحتمية أي وزن .”
حلل النص وناقشه


   انطلاقا من قراءتي للنص أجد أنه يرتكز على المفاهيم التالية، الشخص والحرية والحتمية والمسؤولية، وهذا يجعلنا نؤطره ضمن مجزوءة الوضع البشري، وبالتحديد ضمن مفهوم الشخص، ويتناول قضية مركزية مثيرة للجدل في تاريخ البشرية عموما والفلسفة على وجه الخصوص، وتتعلق بمدى حرية الإنسان أو خضوعه للضرورة، وما يترتب على ذلك من نتائج، ونقصد هنا تحمل المسؤولية عن الأفعال التي نقوم بها أو العكس. ذلك أن كل واحد منا يجد نفسه يشعر بالحرية بالفعل في مجموعة من الاختيارات لكنه يجد نفسه مدفوعا في أخرى، مما يجعلنا نتساءل، هل يتحمل الشخص مسؤولية تامة وكاملة عن أفعاله؟ أم أن مسؤوليته غير تامة؟ أو أنها غائبة بالكلية؟ بمعنى آخر هل الشخص خاضع للضرورة أم أنه ذات حرة؟ وهل يمكن القول أنه يتراوح بين هذا وذاك؟ أي أنه ذات حرة بشروط. وهنا نتساءل ما هي هذه الشروط؟
      يدافع صاحب النص على أطروحة مفادها ارتباط المسؤولية  الأخلاقية بالحرية . وذلك انطلاقا من عرضه لموقفين متناقضين تجعل الإنسان المقتنع بالحرية يتميز بالإحساس بالمسؤولية في مقابل الإنسان المقتنع بالحتمية، الذي يرى  حياته الفردية والعامة محددة سلفا بشكل قبلي. وهذا الاقتناع يجعله يتنصل من المسؤولية عن الأفعال الخاطئة التي يقترفها. لأن فعله خارج عن إرادته، وتابع لقوانين صارمة. وفي المقابل فإن حرية الاختيار تجعل الشخص يتمتع بالمسؤولية الأخلاقية كاملة، وبهذا لا يمكن  تبرير الحتمية بأي شكل من الأشكال.  بهذا نجد صاحب النص قد اعتمد في بناء أطروحته على المفاهيم التالية، حرية الاختيار والتي تشير إلى إمكانية الشخص القيام بالأفعال التي يريدها وفق إرادته الحرة. وهذا المفهوم يستعمل في مقابل الحتمية الشاملة والتي تجعل السلوك الإنساني خاضع لقانون محدد سلفا، أي جعله نتيجة لسبب محدد لا دخل للفرد فيه. أما المسؤولية الأخلاقية فتشير إلى قدرة الفرد العقلية على توقع نتائج أفعاله، وبالتالي التمييز بين ما هو صائب أو خاطئ، مقبول أم مرفوض، وبالتالي تحمل مسؤلية أفعاله. هكذا يكون الإنسان أمام اختيارين متناقضين، لكل منهما نتائجه الخاصة، الحرية وتحمل المسؤولية، أم الحتمية والتنصل من المسؤولية. لتوضيح هذه الفكرة لجأ صاحب النص إلى بنية حجاجية بسيطة اعتمدت المقارنة والتعريف والاستنتاج. حيث بدأ النص بعرض الحرية والمسؤولية في مقابل الحتمية. والتعريف لتقريب مفهوم الحتمية.كما اعتمد على أساليب  التأكيد ثم الاستدراك.
يمكن القول عموما إن النص الذي بين أيدينا يعلي من قيمة الشخص الذي يتصرف وفق مبدأ الحرية، ذلك انه بدونها لن يمكن الحديث عن مجتمع متوازن، كما يكشف بعض الدوافع الأخلاقية للقول بالحتمية، ألا وهي التنصل من تحمل المسؤولية.
       تأكيدا لما سبق أن ورد في النص نجد جون بول سارتر يؤكد أن الشخص ذات لا يمكن تعريفها إلا باعتبارها ذات حرة،  وذلك انطلاقا من توجهه الوجودي، والذي يدافع عن الحرية الإنسانية، وخاصة حرية الاختيار، فجون بول سارتر كغيره من الوجوديين يؤكد أن الإنسان مشروع، أي أنه وجود منفتح على المستقبل، بمعنى أنه يقذف بنفسه في المستقبل ليحقق أحد الممكنات، وبهذا يصنع ذاته ويكون مسؤولا عنها. كما لا يمكن أن ننسى أن الوجودية تؤكد على أن " الوجود يسبق الماهية" وهذا القول ينفي الحتمية تماما، إذ ليس هناك حقيقة سابقة، فالشخص يصنع حقيقته باختياره الخاص، وفق أفعاله واختياراته. في مقابل الموقفين السالفين نجد مجموعة من الفلاسفة والعلماء يؤكدون بالمقابل على حتمية السلوك الإنساني. فسغموند فرويد على سبيل المثال يرى بأن الفرد يخضع لحتميات خارجة عن إرادته، أي نابعة من اللاشعور، الذي يشكل البنية الأساسية للجهاز النفسي. والذي هو مجهول بالنسبة إليه. وهذا الموقف نجده في علم الاجتماع واللسانيات وغيرها من فروع العلوم الإنسانية، التي تِكد على أن هناك بنيات تتحكم في السلوك الإنساني. وفي مقابل ذلك كله نجد الحبابي يقدم موقفا متميزا عما سبق، انطلاقا من توجهه الشخصاني، الذي وإن أعلى من قيمة  الشخص فإنه لم يتجاهل الظروف الواقعية التي تحدد سلوكه، ذلك أنه يجب التأكيد على ارتباط الفعل الإنساني بالوعي والقصدية التي تتجاوز الضرورة الحيوية، إن الحديث عن الحرية حديث عن الحرية المرتبطة بالشخص الواقعي، وهذا يعني أن الحرية مرتبطة أولا بالوعي بالحتميات وبالتالي محاولة تجاوزها، أي أن الحرية محدودة  بشروط واقعية.
     كخلاصة عامة يمكن القول أن الحرية ترتبط بالمسؤولية، والتأكيد على خلاف ذلك دعوة إلى التنصل من المسؤولية، في حين أن التأكيد على الحتمية نتاج لأبحاث لا زالت تتكاثر يوما بعد يوم، وهذا ما جعل الفلاسفة الوجوديين يؤكدون على الحرية. لكن الحرية ليست صنمية إنها حرية كائن في موقف. وهذا يسمح لنا بالقول إن الحرية  لا تقتصر على الفرد ذلك أن كل اختيار يؤثر في النهاية على الذين هم بجانبنا،. ألا نقول عادة إن حريتي تنتهي عند المس بحرية الغير. فأنا مسؤول ليس فقط عن الحفاظ على حريتي، بل وعلى حرية الغير أيضا.



السبت، 3 ديسمبر 2011

الوضع البشري

تكتسي المجزوءة الأولى في مادة الفلسفة أهمية بالغة، بالنظر إلى مضمونها المرتبط بالحياة اليومية وبالتالي جعلها مجالا للتأمل. أو من حيث كونها تشكل مدخلا  تأسسيا لباقي المجزوءات. 
يمكن القول أن مجزوءة الوضع البشري تطرح    البعد الذاتي الفردي من جهة والبعد الموضوعي من جهة أخرى، وبالتالي ضرورة التفكير في تفاعلهما وحضورهما في تحديد الوجود الإنساني
تتناول المجزوءة الأولى المفاهيم الثلاث التالية: الشخص والغير وأخيرا التاريخ. ا.
 .