السبت، 20 أكتوبر 2012

تأطير مجزوءة المعرفة

كشفت المجزوءة الأولى عن الوجود الإنساني في بعده الوجودي والعلائقي، وستكشف المجزوءة الثانية عن الوجود الإنساني في جانبه المعرفي.
ويمكن القول بداية إن المعرفة خاصية إنسانية، ترتبط بقدرة الذات على التعرف على ذاتها والعالم، إنطلاقا من منهجية محددة، فهناك إذن ثلاث مكونات أساسية عند الحديث عن المعرفة، الذات العارفة وموضوع المعرفة والمنهج العتمد.
تطرح مجزوءة المعرفة تحددا تساؤلات حول المنهج، والذي سيرتبط بطبيعة نظرنا إلى قدرات الذات العارفة، وموضوع المعرفة.
 يمكن التمييز بين نوعين من المواضيع المدروسة، المادة الجامدة والمادة الحية. ويمكن التمييز بين دراسة الطبيعة أو دراسة الإنسان.
أما الذات العارفة فقد تأثرت هي أيضا بالتطورات العلمية المتلاحقة، خاصة عندما نتحدث عن التطورات التي عرفها مفهوم العقل. من كونه بنية ثابتة قادرة على تحقيق معرفة دقيقة، إلى اعتباره نشاط أو فعالية منفتحة. 
هكذا يتفاعل المنهج المعتمد في الدراسة بعوامل متعددة، يجب أن نستحضر فيه الجانب التاريخي لاستيعابه. المرحلة اليوناية، الفلسفة الحديثة، والمستجدات التي طرحتها الثورات العلمية. 
تطرح المعرفة إذن مفارقات ترتبط من جهة بطرق بناء المعرفة، بالعقل أم بالتجربة. الهدف من المعرفة، بين اكتشاف الحقيقة في كليتها أو تحقيق المنافع الجزئية. كما تطرح المعايير التي يمكن اعتمادها للكشف عن النظريات العلمية، او المعارف الحقيقة عن غيرها. بين المعرفة المتعلقة بالطبيعة أو بالذات الإنسانية.
مجزوءة المعرفة تندرح إذن في إطار إشكال أساسي حول المعرفة التي يمكن للإنسان أن يحصلها. إنطلاقا من الجواب عن أسئلة من قبيل: هل المعرفة العلمية تبنى بالعقل أم بالتجربة؟ ما معيار النظرية العلمية؟ مالحقيقة؟ وكيف يمكن التوصل إليها؟ هل العلوم الإنسانية تختلف عن العلوم الحقة أم العكس؟

 

مفهوم الشخص

مفهوم الشخص
يحيل الشخص على الذات العاقلة، الواعية التي تتحمل مسؤولية أفعالها.
يندرج هذا المفهوم ضمن مجزوءة الوضع البشري، ويحيل على ثلاث جوانب اساسية، الحقوقي، البيولوجي، المعنوي.
 إنه ذات لها حقوق وعليها واجبات، كما أنه ذات تتميز بحاجات ورغبات، هكذا يختزل الشخص، الجماعة، فالحديث عنه يستدعي طرح القضايا المرتبطة بالفرد والجماعة معا.
يطرح الشخص ثلاث قضايا للنقاش:
أولا : الهوية، ما دام قادرا على الرجوع إلى ذاته باعتبارها تبقى هي نفسها في أزمنة وأمكنة مختلفة. فهو مطابق لنفسه مخالف لغيره.
ثانيا: القيمة، لأن كل شخص يتمتع بحقوق ووجبات يفرض بالتالي على على الآخرين الإحترام والتقدير.
ثالثا: الحرية، لأن الشخص يتحمل مسؤولية الأفعال التي يقوم بها.
من جهة أخرى نجد أن:
أولا: الهوية، يمكن أن تكون غير ثابتة، أي بنية متغيرة. 
ثانيا: القيمة، أن يعتبر الشخص وسيلة، بدلا من كونه قيمة مطلقة.
ثالثا: الحرية، أن يخضع للضرورة والحتمية بدلا من الحرية.
يطرح مفهوم الشخص بالتالي مفارقات، تدفعنا إلى طرح تساؤلات محورية، وأخرى جزئية سوف ترتبط بالمفاهيم.
يمكن صياغة هذه الإشكالات كالتالي:
ما أساس هوية الشخص؟ ومن أين يستمد قيمته؟ وهل الشخص ذات حرة أم أنه خاضع للضرورة؟
المواقف التي يمكن استعراضها لمناقشة هذه التساؤلات هي:
الشخص والهوية:
جون لوك في مقابل أرثور شوبنهاور
الشعور المقترن بالفكر، وبالتلي الوعي التذكري، في مقابل الإرادة كأساس لهوية الشخص.
الشخص بوصفه قيمة:
إمانويل كانط في مقابل جورج غوسدورف
العقل كمرجع للقيمة في مقابل الجماعة كأساس للقيمة.
الشخص بين الضرورة والحرية:
جون بول سارتر   في مقابل باروخ سبينوزا
الحرية في مقابل توهم الحرية
خلاصة:
يكشف مفهوم الشخص عن تعقد الوجود الإجتماعي، وتداخل بنياته، لذلك يستدعي مقاربات متعددة، أخلاقية وسياسية واجتماعية، تبين أنه لايمكن فهم الشخص والكشف عن خصائصة إلا باستحضار الجماعة، أي الغير من جهة والتاريخ من جهة أخرى ما دام انه ليس هناك فرد بدون جماعة ولا جماعة بدون تاريخ.