الثلاثاء، 25 مارس 2014

مفهوم الدولة

تقديم:
يندرج مفهوم الدولة في مجال السياسة، مادامت هذه الأخيرة تحيل على كل ممارسة تستهدف التأثير في الشأن العام. والدولة تعتبر المؤسسة على سلامة الحياة العامة للأفراد، حيث تستهدف تنظيم وتسيير الشأن العام. إنها ام المؤسسات، ولذلك تقوم بدور التسيير والمراقبة بما تمتلكه من سلطة ومن وضع قانوني يصبغ على ممارستها الشرعية في تحديد الفعل الضار بالجماعة ومنعه. فالحفاظ على الأمن والسلم سيشكل أولى الغايات التي على الدولة القيام بها. لذلك سنجد أن مفهوم الدولة يتضمن مفارقات متعددة هي المؤسسة للإشكالات التي سوف نعالجها.
الدولة مؤسسة // الدولة فكرة
الدولة  تحتكر العنف // الدولة مصدر الأمن
الدولة تمارس السلطة //  الدولة تراقب ممارسة السلطة
وبالتالي من أين تستمد الدولة مشروعيتها؟ وكيف تتحدد ممارستها للسلطة؟ هل بالحق أم بالعنف؟
1- مشروعية الدولة وغاياتها:
الموقف التعاقدي: الدولة تعبير عن التعاقد الحر بين الأفراد والذي يعكس رغباتهم وأهدافهم من الدولة، ويرجع هذا التصور إلى الإنطلاق من حالة الطبيعة إلى الحالة المدنية، وبالتالي الرجوع إلى الطبيعة الإنسانية من أجل تحديد غايات الدولة.


 
موقف هيغل: موقف يرفض الموقف السابق الذي يجعل الدولة وسيلة بيد الأفراد في حين أنها تعبير عن الإرادة العامة والروح المطلق، أي أنها إرادة كلية موضوعية، هي التي تسبغ على الأفراد وجودهم الأخلاقي.

2- طبيعة السلطة السياسية:
السلطة: كل إمكانية للتأثير في الأفراد وفي توجيههم.
السلطة السياسية: كل تأثير يهدف الشأن العام، سلطة تشريعية، تنفيدية، قضائية (السلطة الرابعة/ الصحافة)
موقف نيقولا ماكيافيل: مكيافيلي يرى أن الحاكم عليه أن يلجأ لكل الوسائل للحفاظ على سلطته، قوانين، قوة، مكر... فالغاية تبرر الوسيلة. ينطلق هذا الموقف من تصور خاص للطبيعة الإنسانية.
موقف عبد الرحمان ابن خلدون:
يعتبر ابن خلدون أن السلطة السياسية رفق واعتدال، بمعنى أن السياسة توسط بين القيم، حيث يمكن للحاكم أن يكون قدوة للمحكومين، فالرفق يجعله محببا عند محكوميه، والاعتدال يطيل سلطانه، وبالتالي الدولة. بهذا يقر ابن خلدون أن السياسة يمكن أن تحقق خير الحاكم والمحكوم، العدل والوفاء، الاعتدال والمحبة. هكذا يضع ابن خلدون رابطا قويا بين الأخلاق والسياسة، في مقابل الفصل الواضح بينهما عند مكيافيلي.
3- الدولة بين الحق والعنف:
ما العنف؟  إنه كل أذى يلحقه فرد أو جماعة بالغير، أو بالحيوان، أوالطبيعة . كما قد يكون العنف مادي أو رمزي، ويتم في الممارسة السياسية التركيز على العنف المادي. فهل تتنافى ممارسة العنف مع دولة الحق؟
ماكس فيبر:
يؤكد فيبر أن العنف خاصية الدولة المميزة، إذ بدونه تختفي الدولة، لهذا تعمل الدولة جاهدة لاحتكار العنف وعدم السماح بممارسته إلا بموافقتها، بهذا يعتبر عنف الدولة وحده مشروعا، ذلك لأنه يرتبط بالمصلحة العامة.
جاكلين روس: 
تعتبر روس أن العنف داخل الدولة لا ينفي عن الدولة الحق، إن دولة الحق والقانون تتسم بملامح ثلاث: احترام كرانة الشخص، سيادة القانون، الفصل بين السلط... بهذا تتميز دولة الحق بممارسة معقلنة للسلطة، تعتبر الفرد غاية وليس وسيلة.
خلاصة:
يكشف مفهوم الدولة عن جانب أساسي في الوجود الإنساني، الجاني الإجتماعي المنظم، والذي تسهر الدولة على سيره ونظامه، وسيلتها في ذلك العنف المؤطر بالقانون، والحفاظ على كرامة الشخص، وترسيخ إنسانيته.