الأربعاء، 5 مارس 2014

التقنية والعلم

درس: التقنية والعلم
تقديم:
تبدو التقنية والصناعة والآلات... كمظهر أساسي للفاعلية البشرية. لكن التقنية تبرز مفارقات متعددة تجعلها مفهوما فلسفيا بامتياز، فهي ليست وسيلاة، بل تحدد وتشرط الوجود الإنساني، تبدو مندرجة ضمن المجال الإقتصادي والاجتماعي وكذا السياسي، لكنها تتسم أيضا بنوع من الاستقلالية، إنها متطورة بشكل مستمر، مما يفرض التفكير في مصير الإنسان أمام سيطرة التقنية المتزايدة.
فما هي مميزات التقنية؟ وهل هي خاصية إنسانية؟ وما نتائج تطور التقنية؟

المحور الأول: ماهية التقنية
  يبدو أن حقيقة التقنية وماهيتها هي ضد ما هو شائع، فليست وسيلة، ولا تابعة للأغراض الخارجية الإنسانية، إنها نمط وجود خاص بالإنسان، تفرض اللنظر إليها من زاوية مخالفة للموضوعات الأخرى، إذ لم نعد أحرارا أمامها. 

المحور الثاني : التقنية والعلم
الإشكال: هل التقنية -علم سيرورة مستقلة أم أنها تندرج في سيرورة أعم؟

تأثير التقنية في تطوير العلم وتأثير هذا ا الأخير  في تطوير التقنية لا يحتاج إلى دليل، فكل تغير يلحق أحدهما يؤدي إلى تغير في الطرف الآخر، لكن الدولة والمصالح الإقتصادية بدأت توجه البحث العلمي، وهو بدوره سيغير التقنيات ويطورها، وهي بدورها ستطور المجتمع، وهكذا دواليك. بهذا يؤكد إدغار موران على أن سيرورة التقنية علم تندرج في سيرورة منفتحة تشمل المصالح الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
هذا الموقف يرفضه بالقطع جلبير هوتوا الذي يقدم موقفا يبرز استقلالية التقنية، فهي تتطور بشكل آلي، بدون غاية خارجية، ونظرا لخصائصها كالكونية والشمولية وكونها عابرة للحدود، سيجعلها ضد الثقافة وبالتالي الإنسانية، مادامت تقدم حلا واحدا للمغضلات التي تواجهها، وبالتالي تقضي على التنوع والغنى الذي يميز الثقافة الإنسانية.
بهذا يتبين أن التقنية تتطور بشكل مستمر، والخلاف يبقى في تصر طبيعة هذا التطور، هل يتم بشكل مستقل؟ أم بتوجيه من المصالح الاقتصادية والاجتماعية والسياسية؟

المحور الثالث: نتائج تطور التقنية
نتيجة للتغيرات العلمية التي عرفها العالم الغربي، بنى العقل الغربي فلسفة خاصة تأسست على الموقف الديكارتي، الذي وضع الذات المفكرة كمركز لفهم العالم، وجعل من الطبيعة موضوعا لفعله، وإبراز قدراته. لهذا تنبأ بإمكانية السيطرة والتحكم في الطبيعة، شريطة الإنتقال من الفلسفة النظرية إلى الفلسفة العملية، أي الإنتقال من الفلسفة السكولائية الأرسطية إلى الفلسفة التي تأخذ بنتائج العلم الحديث وتستند إلى الحقائق العلمية الجديدة.
القرون التي تلت القرن السابع عشر سوف تحقق النبوءة الديكارتية وذلك تحقق في نظر مشيل سير بتحالف المشروع الصناعي مع العلم، لكن نتائج هذه السيطرة كانت كارثية على كل الأصعدة، فالتحك انقلب إلى خضوع، والسيطرة انقلبت إلى هدم، والإنتاج انتقل إلى خسارة غير قابلة التعويض، والصحة إلى ظهور أمراض أخطر وهكذا دعى مشيل سير إلى ضرورة التحكم في تحكمنا في الطبيعة، وهذا ماتجسده محاولة المجتمع المدني التأثير في توجهات الدول والمجتمع الصناعي.